تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ١٩٤
السابق
على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا ولو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ولكنهم قالوا: قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورآه وسمع منه، فأخذوا منه وهم لا يعرفون حاله. وقد أخبر الله عز وجل عن المنافقين بما أخبر (1) ووصفهم بأحسن الهيئة فقال: " إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم (2) " ثم تفرقوا من بعده وبقوا واختلفوا وتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بزور والكذب فولوهم الأعمال والأحكام والقضاء وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا (3).

(١) في الكافي [بما أخبره]. وفى النهج [أخبرك الله بما أخبرك].
(٢) سورة المنافقون آية ٤. " إن يقولوا " أي إذا قالوا شيئا أصغيت إلى كلامهم.
(٣) كأبى هريرة الذي كان من الضعة والهوان بأقصى مكان وقضى شطرا من حياته وهو معدم فقير خادم في البيوت يستأجر نفسه لشبع بطنه فلما أسلم أدرج نفسه بفقراء الصفة، يعيش بصدقات المسلمين على ما نقله البخاري في الصحيح وكان ملازما لرسول الله ليشبع بطنه ويسد خلته كما في الإصابة وهو على هذا الحال المرير إلى أن انتهت الخلافة إلى الثاني فتفضل عليه واستعمله على البحرين سنة إحدى وعشرين ثم عزله بعد عامين لخيانته واستنقذ منه ما اختلسه من أموال المسلمين وقال له: انى استعملك على البحرين وأنت بلا نعلين ثم بلغني أنك ابتعت أفراسا بألف دينار وستمائة دينار. وضربه بالدرة حتى أدماه فرجع إلى حاله الأول وقد وسم بالخيانة والاختلاس إلى أن آل الامر إلى الثالث انضم إليه وصار من أعوانه وأنصاره وأخذ يفتعل الأحاديث في فضله فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
" ان لكل نبي خليلا من أمته وان خليلي عثمان " كما ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال وجزم ببطلانه وقال أيضا: " لكل نبي رفيق في الجنة ورفيقي فيها عثمان " وعده الذهبي أيضا من منكراته: إلى غير ذلك من الأحاديث التي افتعلها على رسول الله صلى الله عليه وآله في فضل عثمان والأمويين ولما انقضت أيامه وصارت الخلافة إلى أمير المؤمنين هاجر أبو هريرة إلى الشام فعقد صلته بمعاوية و أخذ يتزور الحديث في ارضائه وجعل يروى لأهل الشام عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال:
" ان الله ائتمن على وحيه ثلاثا أنا وجبرئيل ومعاوية " وقال لهم ان النبي صلى الله عليه وآله ناول معاوية سهما فقال له: خذ هذا السهم حتى تلقاني في الجنة كما رواهما الخطيب في تاريخه وهكذا يفتعل الحديث بعد الحديث في فضل معاوية والأمويين والصحابة ويتقرب بذلك إلى معاوية وهو شكر سعيه ورفع شأنه فكساه الخز وأغدق عليه بالأموال فلما كان عام الجماعة قدم مع ولى نعمته ابن آكلة الأكباد إلى العراق فإذا رأى كثرة الناس جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مرارا وقال: يا أهل العراق أتزعمون أنى اكذب على الله ورسوله واحرق نفسي بالنار والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " ان لكل نبي حرما وان المدينة حرمي فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " قال: وأشهد بالله أن عليا أحدث فيها. فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه امارة المدينة. أقول: إلى هنا مأخوذ من كتاب (أبو هريرة) تأليف سماحة العلامة الجليل الحاج السيد عبد الحسين شرف الدين (مد ظله) وأخرج العلامة الكبير الأميني في كتابه (الغدير) ج ١١ ص ٣٠ عن الطبري في تاريخه ج ٦ ص ١٣٢ أن معاوية اعطى سمرة بن جندب من بيت المال أربعمائة ألف درهم على أن يخطب في أهل الشام بان قوله تعالى:
" ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد " أنها نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام وأن قوله: " ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله " نزل في ابن ملجم أشقى مراد. اه‍. فقبل وروى الآيتين واستخلفه زياد على البصرة فقتل فيها ثمانية آلاف من الناس. قال الفيض (ره) في الوافي نقل العتايقي في شرحه لنهج البلاغة عن المدائني أنه قال في كتاب الاحداث أن معاوية كتب إلى عماله أن ادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة ولا تتركوا خبرا يرويه أحد في أبى تراب الا وآتوني بمناقض له في الصحابة، فرويت أخبار كثيرة مفتعلة لا حقيقة لها حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر. وروى ابن أبي الحديد أن معاوية أعطى صحابيا مالا كثيرا ليضع حديثا في ذم علي عليه السلام ويحدث به ففعل. ويروى عن ابن عرفة المعروف بنفطويه أن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بنى أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون بها أنف بني هاشم.
(١٩٤)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المؤلف 12
2 ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله 17
3 وصيته صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين عليه السلام 17
4 وصيته صلى الله عليه وآله وسلم أخرى له عليه السلام مختصرة 21
5 وصيته صلى الله عليه وآله وسلم أخرى له عليه السلام 24
6 حكمه صلى الله عليه وآله وسلم وكلامه وموعظته 26
7 وصيته صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ بن جبل 36
8 كلامه صلى الله عليه وآله وسلم في أمور شتى 38
9 ذكره صلى الله عليه وآله وسلم العلم والعقل والجهل 39
10 موعظته صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه وأمته 40
11 خطبته صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع 41
12 في قصارى كلماته صلى الله عليه وآله 46
13 ما روى عن أمير المؤمنين 72
14 خطبته عليه السلام في إخلاص التوحيد 72
15 كتابه عليه السلام إلى ابنه الحسن عليه السلام 79
16 وصيته عليه السلام لابنه الحسين عليه السلام 99
17 خطبته عليه السلام المعروفة بالوسيلة 103
18 آدابه عليه السلام لأصحابه وهي أربعمائة باب للدين والدنيا 111
19 عهده عليه السلام إلى الأشتر حين ولاه مصر 137
20 خطبته عليه السلام المعروفة بالديباج 160
21 كلامه عليه السلام في الترغيب والترهيب 165
22 موعظته عليه السلام ووصفه المقصرين 168
23 كلامه عليه السلام في وصف المتقين 170
24 خطبته عليه السلام التي يذكر فيها الايمان والكفر ودعائمه وشعبها 173
25 كلامه عليه السلام لكميل بن زياد 180
26 وصيته عليه السلام لكميل بن زياد مختصرة 182
27 وصيته عليه السلام لمحمد بن أبي بكر حين ولاه مصر 187
28 كلامه عليه السلام في الزهد وذم الدنيا وعاجلها 191
29 كلامه عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء 194
30 كلامه عليه السلام في وضع المال مواضعه 196
31 كلامه عليه السلام الدنيا للمتقين 197
32 ذكره عليه السلام الايمان والأرواح واختلافها 199
33 وصيته عليه السلام لزياد بن النضر حين أنفذه إلى صفين 202
34 وصفه عليه السلام لنقلة الحديث 204
35 كلامه عليه السلام في قواعد الدين ومعنى الاستغفار 207
36 وصيته عليه السلام إلى ابنه الحسن لما حضره الوفاة 208
37 تفضيله عليه السلام العلم 210
38 في قصارى كلماته عليه السلام 211
39 ما روى عن الامام السبط الزكي الحسن بن علي عليهما السلام 236
40 أجوبته عليه السلام عن مسائل سئل عنها 236
41 حكمه عليه السلام ومواعظه 238
42 جوابه عليه السلام عن مسائل سأل عنها ملك الروم 239
43 جوابه عليه السلام عن كتاب الحسن البصري في الاستطاعة 242
44 موعظته عليه السلام شيعته 243
45 خطبته عليه السلام حين قال له معاوية بعد الصلح: أذكر فضلنا 243
46 في قصارى كلماته عليه السلام 244
47 ما روى عن الامام السبط الشهيد المفدى عليه السلام 248
48 كلامه عليه السلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 248
49 موعظته عليه السلام شيعته ومواليه 250
50 كتابه عليه السلام إلى أهل الكوفة 251
51 جوابه عليه السلام عن مسائل سال عنها ملك الروم 253
52 كلامه عليه السلام في وجوه الجهاد 254
53 كلامه عليه السلام في توحيد الله تعالى 255
54 في قصاري كلماته عليه السلام 256
55 ما روى عن الامام علي بن الحسين عليهما السلام 260
56 موعظته عليه السلام أصحابه وشيعته في كل يوم جمعة 260
57 كلامه عليه السلام في الزهد والحكمة 263
58 رسالته عليه السلام في جوامع الحقوق 266
59 كلامه عليه السلام في الزهد 283
60 كتابه عليه السلام إلى محمد بن مسلم الزهري يعظه 285
61 في قصاري كلماته عليه السلام 289
62 ما روى عن الامام أبي جعفر الباقر عليه السلام 295
63 وصيته عليه السلام لجابر بن يزيد الجعفي 295
64 كلامه عليه السلام لجابر أيضا 297
65 كلامه عليه السلام في أحكام السيوف 299
66 موعظته عليه السلام شيعته ومواليه 302
67 في قصارى كلماته عليه السلام 303
68 ما روى عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام 312
69 وصيته عليه السلام لعبد الله بن جندب 312
70 وصيته عليه السلام لأبي جعفر محمد بن النعمان الأحول 318
71 رسالته عليه السلام إلى جماعة شيعته وأصحابه 324
72 كلامه عليه السلام سماه بعض الشيعة نثر الدرر 326
73 كلامه عليه السلام في وصف المحبة 336
74 كلامه عليه السلام في صفة الايمان 340
75 كلامه في صفة الاسلام 340
76 كلامه عليه السلام صفة الخروج من الايمان 341
77 جوابه عليه السلام في وجوه معائش العباد 342
78 كلامه عليه السلام في وجوه إخراج الأموال وإنفاقها 347
79 رسالته عليه السلام في الغنائم ووجوه الخمس 350
80 احتجاجه عليه السلام على الصوفية لما دخلوا عليه 359
81 كلامه عليه السلام في خلق الانسان وتركيبه 365
82 حكمه عليه السلام ودرر كلامه 367
83 في قصارى كلماته عليه السلام 368
84 ما روى عن أبى إبراهيم الإمام الكاظم عليه السلام 394
85 وصيته عليه السلام لهشام وصفته للعقل 394
86 حكمه عليه السلام ودرر كلامه 414
87 كلامه عليه السلام مع الرشيد 415
88 في قصارى كلماته عليه السلام 419
89 ما روى عن الإمام على بن موسى الرضا عليهما السلام 426
90 جوابه عليه السلام للمأمون في جوامع الشريعة 426
91 كلامه عليه السلام في التوحيد 434
92 كلامه عليه السلام في الاصطفاء 436
93 وصفه عليه السلام الإمامة والإمام ومنزلته 447
94 في قصارى كلماته عليه السلام 453
95 ما روى عن الإمام الناصح الهادي محمد بن على عليهما السلام 462
96 جوابه عليه السلام في محرم قتل صيدا 462
97 جوابه عليه السلام عن مسألة ليحيى بن أكثم 465
98 في قصارى كلماته عليه السلام 466
99 ما روى عن الإمام أبى الحسن على بن محمد عليهما السلام 469
100 رسالته عليه السلام في الرد على أهل الجبر والتفويض 469
101 أجوبته عليه السلام ليحيى بن أكثم عن مسائله 487
102 في قصارى كلماته عليه السلام 492
103 ما روى عن الإمام أبى محمد الحسن بن على العسكري 495
104 كتابه عليه السلام إلى إسحاق بن إسماعيل النيسابوري 495
105 في قصارى كلماته عليه السلام 497
106 مناجاة الله عز وجل لموسى بن عمران عليه السلام 501
107 مناجاة الله عز وجل لعيسى ابن مريم عليهما السلام 507
108 مواعظ المسيح عليه السلام في الإنجيل وغيره 512
109 وصية المفضل بن عمر لجماعة الشيعة 524