التوحيد - الشيخ الصدوق - الصفحة ٣٢٤
السابق
العرش عما يصفون) يقول رب المثل الأعلى عما به مثلوه (١) ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شئ ولا يوصف ولا يتوهم، فذلك المثل الأعلى، ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال وشبهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به (٢) فلذلك قال: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) فليس له شبه ولا مثل ولا عدل، وله الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره، وهي التي وصفها في الكتاب فقال: ﴿فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه﴾ ﴿٣) جهلا بغير علم، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك وهو لا يعلم ويكفر به وهو يظن أنه يحسن، فلذلك قال: وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون﴾ (4) فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها، يا حنان إن الله تبارك وتعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء، فهم الذين أعطاهم الله الفضل وخصهم بما لم يخص به غيرهم، فأرسل محمدا صلى الله عليه وآله وسلم فكان الدليل على الله بأذن الله عز وجل حتى مضى دليلا هاديا فقام من بعده وصيه عليه السلام دليلا هاديا على ما كان هو دل عليه من أمر ربه من ظاهر علمه، ثم الأئمة الراشدون عليهم السلام.
51 - باب أن العرش خلق أرباعا (5) 1 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن

(١) كلمة (عن) في كلامه عليه السلام متعلقة بسبحان في الآية، أو بالأعلى في كلامه.
(٢) (ما) هذه مصدرية، أي وشبهوه بالمتشابه منهم في حال جهلهم به.
(٣) الأعراف: ١٨٠.
(٤) يوسف: ١٠٦.
(٥) إعلم أن العرش في اللغة يأتي بمعنى سرير السلطنة، ومنه قوله تعالى: (أيكم يأتيني بعرشها) وبمعنى السقف وأعالي البناء، ومنه قوله تعالى: (وهي خاوية على عروشها) ويأتي مصدرا بمعان، ويستعمل مجازا واستعارة لمعان، كل ذلك مذكور في مظانه، وأما تفسيراته في العلوم فعند أهل الحكمة والهيئة يطلق على الفلك التاسع فكونه أرباعا على هذا إنما هو لفرض دائرتين متقاطعتين على ما فصل في كتب الهيئة، أو لكونه مركبا من العقل والنفس والمادة والصورة على ما ذكر في بعض الكتب، وفسر في بعض الأخبار كالحديث الأول من الباب التاسع والأربعين بعلمه تعالى، لا علمه الذاتي الذي هو عين ذاته، بل العلم الذي أعطى أول من خلق وحمل عليه، وعلى هذا فكونه أرباعا باعتبار أصول العلم كله وأركانه التي هي أربع كلمات من كلمات التوحيد، كما أشير إلى هذا في حديث رواه العلامة المجلسي - رحمه الله - في الرابع عشر من البحار عن الفقيه والعلل والمجالس عن الصادق عليه السلام (أنه سئل لم سمي الكعبة كعبة؟ قال لأنها مربعة، فقيل له: لم صارت مربعة؟ قال لأنها بحذاء البيت المعمور وهو مربع، فقيل له: ولم صار البيت المعمور مربعا؟ قال:
لأنه بحذاء العرش وهو مربع، فقيل له: ولم صار العرش مربعا؟ قال: لأن الكلمات التي بني عليها الإسلام أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. وحقيقة هذا العلم نور ينور به ما دون العرش من الموجودات كما أشير في حديث الباب وفيما رواه الكليني - رحمه الله - في باب العرش والكرسي من الكافي في حديث الجاثليق عن أمير المؤمنين عليه السلام:
(إن العرش خلقه الله من أنوار أربعة: نور أحمر منه احمرت الحمرة ونور أخضر منه اخضرت الخضرة ونور أصفر منه اصفرت الصفرة ونور أبيض البياض، وهو العلم الذي حمله الله الحملة، وذلك نور من عظمته، فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين، و بعظمته ونوره عاداه الجاهلون، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المشتبهة، فكل محمول، يحمله بنوره وعظمته وقدرته، لا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، فكل شئ محمول، والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا والمحيط بهما من شئ، وهو حياة كل شئ ونور كل شئ، (سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبير).
وأما العرش بمعنى الملك وجميع الخلق والقدرة والدين وبعض الصفات كعرش الوحدانية على ما ورد كل ذلك في الأخبار فتصور تربعه بعيد، والعلم عند الله وعند صفوته.
(٣٢٤)
التالي
الاولى ١
٤٦١ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بيانه في سبب تأليف الكتاب. 11
2 بيانه في شروط لا إله إلا الله. 19
3 بيانه في شرط دخول العاصي الجنة. 20
4 بيانه في أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض - الخ ". 21
5 بيانه في معنى الإرادتين. 59
6 بيانه في نفي التشبيه عنه تعالى من جميع الجهات. 74
7 بيانه في معنى الواحد والتوحيد والموحد. 78
8 بيانه في قوله تعالى: " قال رب أرني أنظر إليك - الخ ". 113
9 بيانه في معنى الرؤية الواردة في الأخبار. 114
10 بيانه في معنى قوله تعالى: " فلما تجلى ربه للجبل - الخ ". 114
11 بيانه في إن أخبار الرؤية صحيحة. 116
12 بيانه في قدرته تعالى. 119
13 بيانه في معنى هو تعالى نور و تفسير ظلين 123
14 بيانه في معنى قدرته تعالى. 125
15 بيانه في الدليل على أنه تعالى قادر. 128
16 بيانه في كونه تعالى عالما. 129
17 بيانه في الدليل على أنه تعالى عالم. 131
18 بيانه في إرادته تعالى لفعل العبد. 137
19 بيانه في صفات الذات و صفات الأفعال. 142
20 بيانه في معنى السبع المثاني. 145
21 بيانه في خلق الله تعالى آدم على صورته. 146
22 بيانه في قوله تعالى (لما خلقت بيدي استكبرت) 148
23 بيانه في قوله تعالى: " يوم يكشف عن ساق ". 149
24 بيانه في قوله تعالى: " الله نور السماوات و الأرض - الخ ". 149
25 بيانه في معنى تركه تعالى. 154
26 بيانه في معنى قول أمير المؤمنين (ع) أنا قلب الله، أنا عين الله. 158
27 بيانه في معنى قوله عليه السلام: أنا جنب الله. 159
28 بيانه في معنى قوله عليه السلام: أنا عبد من عبيد محمد. 169
29 بيانه في الدليل على أنه تعالى ليس في مكان. 172
30 بيانه في تفسير أسماء الله تعالى. 189
31 بيانه في تفسير قوله تعالى: " تبارك الذي نزل الفرقان - الخ ". 211
32 بيانه في إن صفاته تعالى عين ذاته. 217
33 بيانه في خلق القرآن و حدوث كلامه تعالى. 219
34 بيانه في معنى أن القرآن غير مخلوق. 223
35 بيانه في ترك حي على خير العمل للتقية. 235
36 بيانه في معنى أنه تعالى على العرش. 244
37 بيانه في معني أنه تعالى يري أولياءه نفسه. 244
38 بيانه في أدلة توحيد الصانع. 263
39 بيانه في معنى اعرفوا الله بالله. 284
40 بيانه في طبقات الأنبياء. 285
41 بيانه في أدلة حدوث الأجسام و أن لها محدثا. 292
42 بيانه في مأخذ علم الأئمة عليهم السلام. 303
43 بيانه في معنى استوى على العرش. 311
44 بيانه في معنى البداء له تعالى. 329
45 بيانه في الاستطاعة. 339
46 بيانه في مشية الله تعالى و إرادته. 340
47 بيانه في حديث " الشقي من شقي - الخ ". 350
48 بيانه في معنى مشيئته تعالى و قدره و قضائه. 364
49 بيانه في تفسير الرزق. 367
50 بيانه في تفسير الأجل. 372
51 بيانه في معاني القضاء و الفتنة. 378
52 بيانه في معنى السعر و الرخص والغلاء. 383
53 بيانه في وجه العدل وعدله تعالى في الأطفال. 389
54 بيانه في شرط دخول المذنب الجنة. 404
55 بيانه في معنى الهداية والضلالة. 407
56 بيانه في علة إرادته تعالى بالعبد سوءا. 409
57 بيانه في سبب جلب المأمون متكلمي الفرق على الرضا عليه السلام. 448